القتل الرحيم
فرنك كمال صليو
هو مصطلح مشتق من اللغة اليونانية ευ- θανατος، بمعنى الموت السهل (السريع). في القرن السابع عشر كان يعني هذا المصطلح الموت الهادئ، ولكن في القرن التاسع عشر تغير هذا المفهوم، وأصبح يعني (وضع الحد للحياة بطريقة ارادية)، والهدف منه هو تخفيف الالام، او حالة شفقة على المريض التي أصبحت حالته لا تُطاق، من نفسه ومن اقربائه. فبسبب هذا أصبح قتل المريض بتدخل مباشر.
بعض المدافعين عن القتل الرحيم، استخدموا جمل وكلام بخصوص هذا، قالوا ان القتل الرحيم هو (الموت بكرامة) او (احترام حق المريض في الموت)، فهذا كله هو تبرير جريمة القتل.
أنواع القتل الرحيم:
1. القتل الرحيم الارادي المباشر: هو القيام بعمل يهدف الى قتل المريض شفقةً عليه (إعطاء ادوية تؤدي للموت الهادئ)، وهو قتل متعمد، فهو عمل غير أخلاقي.
2. القتل الرحيم الارادي غير المباشر: هو إهمال الواجب نحو المريض، بغرض القتل وإذ ما يسمى (القتل بالنية)، أيضا هو عمل غير أخلاقي.
3. قتل الرحيم غير الارادي: هو تسبب في الموت بسبب ادوية كان يجب على المريض اخذها بهدف تخفيف الألم.
ما هو موقف الكنيسة الكاثوليكية من قتل الرحيم؟
__ تعتبر الكنيسة القتل الرحيم انتهاكاً لشريعة الله، لانه قتلٌ متعمد للبشر.
__ ليس من حق أي أحد ان يقتل كائن بشري بريء، او نطفة كان ام جنيناً، طفلاً او بالغاً، مسناً او مريضاً مزمناً، مُعاقاً او سليماً.
__لا أحد يحق له ان يطلب القتل لنفسه او لغيره من اقاربه. لا حق لأي انسان ان يطلب هذا الموت علنياً او خفياً.
__لا حق لأي سلطة ان تأمر بذلك وتشرعه.
فحياة الانسان مقدسة، لان منذ أصلها اقتضت عمل الله في الخلق، وهي تبقى ابداً على علاقة خاصة بالخالق، غايتها الوحيدة.
الله وحده سيد الحياة منذ بدايتها الى نهايتها. وليس لاحدٍ في أي ظرفٍ من الظروف ان يدعي لنفسه الحق في ان يُدمر مباشرةً كائناً بشرياً بريئاً.
يقول البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته البابوية، (انجيل الحياة) فقرة 65 يقول:
{القتل الرحيم، بالمعنى الحصري هو كل عمل او كل إهمال يؤدي الى الموت، بذاته او بالنية، بهدف الغاء كل الم. فالقتل الرحيم يوزن اذن بميزان النوايا وميزان الوسائل المستعملة}. حتى وان كان القتل الرحيم من اجل تخفيف الالام والعذابات التي يعاني منها المريض، فهي تبقى التدخل لأنهاء الحياة، فالله هو سيد الحياة هو الذي وهبها وهو الذي يستردها (أنا أُميت وأُحيي، تثنية 32: 39). فالكنيسة تعلم ان كل ما نملكه هو عطية من الله، وخصوصاً الحياة يُستخدم وصفها ب (الهبة الكبرى) التي منحها الله للإنسان.
المجمع الفاتيكاني الثاني، (احترام الشخص الانساني)
۲۷ – (يشدد المجمع على احترام الإنسان بحيث يلتزم الأفراد أن يعتبروا القريب، أيا كان في غير استثناء، «ذاتا أخرى» لكل واحد منهم، فيحسبوا حسابا لحياته، وللوسائل الضرورية التي يتمكن معها من العيش الكريم، ولا يحذوا حذو الغني الذي لم يول لعازر المسكين أي اهتمام).
والواجب يفرض علينا في هذه الأيام خصوصاً، أن نجعل من كل واحد منا قريبا لكل إنسان، وأن نكون له، إذا لجأ إلينا، عونا فنقدم له الخدمة الفعالة سواء كان شيخاً تغاضى عنه الجميع، أو عاملاً غريباً نال منه الاحتقار الظالم، أو منفيا، أو طفلاً ولد ولادة غير شرعية وحمل وزر إثم ليس له فيه يد، أو جائعا يستصرخ ضميرنا ويذكرنا بقول السيد: «كُلَّما صَنعتُم شيئاً من ذلك لواحدٍ من إخوتي هؤلاء الصغار فلي قد صَنعتُموه» (متى ٢٥: ٤٠).
ما هي العلاجات العنيدة
(تميز الكنيسة الكاثوليكية بين القتل الرحيم والعلاجات العنيدة)
العلاجات العنيدة هي: علاجات طبية لم تعد تفيد المريض ولا تشفيه، ولا تستطيع القضاء على المرض.
فهي فقط تسبب التعب والقلق على المريض وعلى اسرته، وأيضا عبئاً باهظاً، فيشدد مجمع العقيدة والايمان على الإقلاع عن العلاجات الغير ضرورية.
مجمع العقيدة والايمان (في القتل الرحيم عام1980)
عندما يصبح الموت وشيكاً لا مفرّ منه، بالإمكان ضميرياً الإقلاع عن علاجات لا تؤدي إلاّ إلى مهلة حياة هشّة وشاقّة، ولكن من غير أن توقف العلاجات العاديّة التي تحقّ للمريض في مثل هذه الحال.
من الثابت أنّ الإنسان ملزم أدبياً بأن يتعالج ويلقى العلاج من غيره، ولكنّ هذا الإلزام يجب أن يقارن بالواقع في أوضاعه الراهنة، فينظر إلى الوسائل العلاجيّة المتوفرة هل تتناسب وما هنالك من أمل في التحسن.
يضيف البابا يوحنا بولس الثاني، التخلي عن العلاجات الخارقة اللامتناسبة لا تعد انتحاراً او قتلاً مريحاً، بل يعبر عن الخضوع للوضع البشري في تجاه الموت.
المصادر
1. اخلاقيات طب الحياة، دراسات لاهوتية، مجموعة مؤلفين.
2. رسالة البابا يوحنا بولس الثاني (انجيل الحياة).
3. المجمع الفاتيكاني الثاني.
4. تعليم الكنيسة الكاثوليكية.