انطلاق اعمال السينودس الكلداني 2022 في بغداد
اعلام البطريركية
افتتح غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو جلسات السينودس الكلداني صباح يوم الاثنين 22 اب 2022 في الصرح البطريركي ببغداد، بمشاركة السادة الأساقفة: توما ميرم، أنطوان اودو، رمزي كرمو، شليمون وردوني، ميخا مقدسي، ميشال قصارجي، اميل نونا، بشار وردة، يوسف توما، حبيب النوفلي، سعد سيروب، عمانوئيل شليطا، باسيليوس يلدو، روبرت جرجيس، ميخائيل نجيب، فيلكس الشابي، بولس ثابت وازاد شابا. وقد غاب عن السينودس المطران فرنسيس قلابات بسبب عدم اخذه لقاح كورونا والاساقفة المتقاعدون لأسباب صحية. يتمنى لهم اباء السينودس الصحة والسلامة.
بدأت الجلسة الصباحية بكلمة لغبطة البطريرك ساكو واليكم نصها:
أخوتي الأحبة أحبار السينودس الكلداني الأجلاء، نعمة الرب يسوع معكم،
أحييكم بسلام المسيح وأرحب بكم من حيثما أتيتم من أبرشيات وبلدان خدمتكم القريبة والبعيدة. وأرحب بشكل خاص بالمطرانين الجليلين بولس ثابت وآزاد صبري اللذين انضما الى مصافنا الاسقفي.
ها نحن نعود، هذه السنة ايضا الى انعقاد سينودسنا الدوري تحت أنوار الروح القدس، لتدارس المواضيع المدرجة على جدول الاعمال. نعقده في جو تتأهب فيه الكنيسة الكاثوليكية لانعقاد سينودس الأساقفة الكاثوليك 2023 من اجل السير معا في الشركة والمشاركة والرسالة. نأمل ان نستفيد من هذه الفرصة لتعميق هذه المحاور في كنيستنا وابرشياتنا ورعايانا.
1. نحن مدعوّون لتحمّل مسؤوليّاتنا الكنسية والإنسانيّة والوطنيّة بنفس حب المسيح ومشاعره، وبعلاقة وجدانية حية، بحيث نوجه ذاتنا وكنيستنا ومجتمعنا نحوه. أليس من اجل ذلك كرسنا أنفسنا كما كرس هو نفسه” من أجلهم أكرس نفسي ليكونوا مكرسين هم ايضا بالحق.. وتكون فيهم المحبة” (يوحنا 17/ 19، 26). هذه العلاقة مع المسيح القائمة على الحق والمحبة والروح تمكننا وتمكن مؤمنينا من النضوج الروحي، وتحفزنا على الإبداع في رسالتنا وخدمتنا بتجرد وسخاء وبروحية الفريق الواحد، بعيدا عن التحزب والتسلط والغرور. وكما قال البابا في كلمته لليسوعيين الكنديين في 29 تموز 2022 خلال لقائهم به: “عندما يكون الاساقفة متحدين، يمكنهم التعامل جيدًا مع التحديات والسير معا الى الامام”
2. السلطة في الكنيسة والابرشية هي خدمة وليست عملا لإظهار القوة او الذات. القيادة (الرعاية – الادارة) لا تستقيم من دون سلطة، لكن لا ينبغي ان تتحول القيادة الى التسلط والدكتاتورية، من اجل ذلك يحذر يسوع تلاميذه قائلا:” تَعلَمونَ أَنَّ الَّذينَ يُعَدُّونَ رُؤَساءَ الأُمَمِ يَسودونَها، وأَنَّ أَكابِرَها يَتَسَلَّطونَ علَيها. فلَيسَ الأَمرُ فيكم كذلِك. بل مَن أَرادَ أَن يَكونَ كَبيراً فيكم، فَلْيَكُنْ لَكُم خادِماً” (مرقس 10/ 42-43). وكما تعلمون ان عقلية الزعامة المنتشرة في الشرق لا تساعد على انتشار ثقافة الاعتذار!
سلطتنا عامودية رسولية، لكنها افقية ايضا اي ممارسة جماعية (collegiality) من خلال الانفتاح على جميع أعضاء شعب الله (الكنيسة)، من كهنة ورهبان وراهبات ومؤمنين من كلا الجنسين بكافة فئاتهم، لمشاركتهم في العمل الكنسي واستشارتهم، والتواصل معهم من اجل تنظيم العمل والخدمة ومعالجة اسئلة جديدة تطرح نفسها. مما يفتح أمامنا آفاقا جديدة. علينا ان نتحمل المسؤولية كاملة والى النهاية خصوصا في هذه الظروف الصعبة والحبلى- بالتحديات) التي تمر بها بلداننا. على الاسقف ان يقرأ علامات الازمنة ويقيّم الاحداث على ضوء الايمان كما فعل الانبياء والرسل، ويكتشف في طياتها نداءات الله لتصبح لهم نبع رجاء.
3. متابعة معاونينا أي كهنتنا، متابعة أبويه وليس سلطوية، بل كما يفعل الاب مع ابنائه، بمحبة وانسانية، واحترام وصيانة كرامتهم واستثمار الكاريزما الذي لهم وتشجيعهم على التعليم والتدبير وتقديس النفوس. من هنا ضرورة متابعة تنشئتهم الروحية والثقافية وعملهم الراعوي. غير مقبول ان تكون ثمة فوضى وانقسامات. هذا أخطر ما يكون على وحدة الابرشية والشهادة الكهنوتية. عند وجود كذا حالات ينبغي معالجتها وحسمها بوداعة واصغاء ووجها لوجه، لان الفوضى هدامة. الصعوبات والمشاكل لا بد منها كما في زمن رسل المسيح، لكن بالإمكان تحويلها الى فرص نمو المحبة والصداقة وبناء الثقة.
4. الاهتمام بالدعوات الكهنوتية والرهبانية. مستقبل كنيستنا يقوم على الدعوات الكهنوتية والرهبانية. من واجب الاسقف الاهتمام بالدعوات.
5. الليتورجيا. ينبغي الالتزام بالطقوس التي جددها السينودس الكلداني. على الكاهن المحتفل بالطقوس ان يعي بأن هذه الطقوس هي صلاة وليست ممارسات جامدة ورتيبة، اي من يصليها ينبغي ان يعيشها. هذه الطقوس احتفال بحضور الله؛ هذا ما يتعين على المحتفل والمؤمنين ان يكتشفوه ويستفيدوا من غنى الليتورجيا في عمقها اللاهوتي. لذلك يجب ان يتم إعداد القراءات والزينة والتراتيل والموسيقى والطلبات والموعظة كما قرر السينودس، بحيث يشعر الكل بفرح استقبال الله في حياتهم ويبعث الطمأنينة في قلوبهم، والانتعاش في حياتهم.
ازاء ما تقدم، أود أن استرعى أنظاركم إلى أنه لا بد أن نشجع كهنتنا الذي يخدمون في بلدان الانتشار إلى مدّ أيدي التعاون مع الكنائس الرسولية الاخرى، خصوصا في مجال خدمة مسيحيينا المهاجرين من العراق وسائر بلدان المنطقة. لا ننسى ان خدمتنا هي للمحبةcharity and diakonia
6. المسيحيون العراقيون ولربما ايضا المسيحيون في دول أخرى في طريقهم إلى الاختفاء ان لم يحصل تغيير إيجابي كبير في الفكر ونظام الدولة. الموروث الاسلامي يجعل المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية ويسمح بالإقصاء والاستحواذ على ممتلكاتهم.. يجب اعادة صياغة الدستور والقوانين بعيدا عن الطائفية والمحسوبية والمنسوبية، وقيام نظام ديمقراطي مدني مبني على المواطنة!
رسالتنا في هذه الاوقات الحرجة ان نتعاون مع شركائنا في الوطن لخلق بيئة ملائمة للعيش المشترك واحترام التنوع وحق المواطنة الكاملة كما أكد البابا فرنسيس في خطاباته خلال زيارته التاريخية لبلدنا (5-8 اذار 2021)، وان نساعد شعبنا على الانفتاح نحو الرجاء والتسلح بالأيمان والتضامن ومواجهة التحديات بشجاعة. هذه التقلبات ليست جديدة، دول عديدة شاهدت وتشاهد تقلبات، لكنها خرجت منها متعافية. وهنا أود ان أشدد على أهمية التواصل مع الكنيسة الام والوطن.
اتكلم معكم بروح أخوية واشاطركم مشاعري وقلقي لنتحمل معا المسؤولية بشجاعة وحكمة. لنضع هذا السينودس والكنيسة الكلدانية وبلداننا في هذا المنعطف الصعب تحت حماية الرب وشفاعة أمّنا مريم العذراء.