رسالة الى الكلدان بعيد مار توما
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
بطريرك الكنيسة الكلدانية
اخواتي واخوتي الأحباء،
بمناسبة عيد الرسول توما، شفيع كنيستنا الكلدانية الواقع في 3 تَموز من كلِّ عام، أتوجه إليكم بهذه الرسالة، لأهنئكم من صميم القلب بهذا العيد الكنسي المهم، وأشجعكم على الالتزام بايمان مار توما: “ربي والهي” (يوحنا 20/ 28).
بالرغم من الأزمات المؤلمة التي مر بها العراق منذ 19 عاماً، من دون إيجاد معالجة حقيقية، لا نزال لم نفقد الأمل بالتغيير، يقيناً أن الظلم لا يدوم، فطَوِّلوا بالكم و”تشجّعوا! أنا هو لا تخافوا (متى 14/ 27). جراحُنا ستندمل بتجديدنا الروحي، وتضامننا الأخوي، والتزامنا الوطني والاجتماعي.
أعزائي،
تابعوا حياتَكم بنفس الحبّ والإيمان والرجاء على مثال آبائكم، مهما كانت المعاناة مريرة، فالرب لن يترككم كما لم يترك آباءكم. انكم تشتركون وإياهم بـ: اصالة الإيمان، ورسالة الانجيل، وبهاء قديسي وشهداء كنيستكم في الماضي والحاضر. انه طريق شاق وطويل، لكن التغيير سياتي لا محالة هذا حصل في جميع البلدان التي اختبرت صراعات وحروباً!
العالم اليوم يتحول بسرعة من التقليد والعادات الى الحداثة، إلا ان لديكم تراثاً ثميناً عليكم ان تعكسوه بحيوية حيثما أنتم، وأن تأخذوا بنفس الحيوية الجديد الصالح من المجتمع الذي يحتضنكم. هذا ما فعلناه خلال السنوات التسع الماضية من تجديد طقوسنا، وأساليب تعليمنا المسيحي، وعمَلَنا الرعوي. انتم ابناء حضارة عريقة، وكنيسة تعدُّ من أقدم الكنائس. لا يليق بكم ان تقفوا أمام الصعوبات، وتستسلموا للتشاؤم والإحباط، أو الانجرار الى “فكر” الكراهية.
ادعو المسيحيين الى عدم بيع بيوتهم وممتلكاتهم في بلداتهم وحمايتها من التغيير الديمغرافي كما حمى اهالي القوش بلدتهم!
تعاونوا مع مواطنيكم في بناء دولة حديثة، تؤمِّن سيادة القانون لكل مواطن، بغض النظر عن المعتقدات الدينية أو الاجتماعية أو السياسية. وعندما تعملون من اجل إرساء السلام والاستقرار وتحقيق العدل، تُسهمون في تعزيز الكرامة والحرية للجميع.
اشكروا كنيستكم الاُم على ما قدمته لكم خلال أزمة داعش وبعدها. كانت ولا تزال صوتكم في الداخل والخارج (المحافل الدولية والكنسية). اشكروا الله على زيارة البابا فرنسيس التاريخية للعراق وصلاته ودعمه المستمر.
من يختار منطق انتقاد الكنيسة ويُدمن عليه يضع نفسه خارجها، لا يرى الحقيقة ويخلو من الوفاء والامتنان، عكس من يختار النقد البنّاء والدعم والمساندة… لا تنفصلوا عن الكنيسة التي فيها خلاصكم، كما يقول القديس يوحنا الفم الذهبي.
ضروري الانفتاح على الكنائس الاُخرى، ومؤسسات وفعاليات “المكون” المسيحي، خصوصاً النُخَب المثقفة، لان الانغلاق موت بطيء… الجامع الرئيسي الذي يوحّدنا هو إيماننا وأرضنا ومستقبلنا. بالمحبة والحوار الصادق، نصبح قوة للتغلب على “صدمة الانقسامات” لتحقيق رغبة المسيح والمسيحيين: “لْيكونوا بِأَجمَعِهم واحِداً.. لِيُؤمِنَ العالَمُ…” (يوحنا 17/ 21). لا ينبغي أن تتحول الإخفاقات الماضية الى فشل، بل الى عِبر نتعلّم منها.
حان الوقت لدعم الرابطة الكلدانية بكل قواكم، بعيداً عن الحساسيات والانتقادات الجانبية التي لا تجدي نفعا. هذه الرابطة تأسست من أجل كل الكلدان في العالم، وليس من أجل البطريرك أو الاكليروس.. أية مؤسسة لن تتقدم اذا لم يتعاون معها الغالبية.
بإمكان كل كلداني في العالم ان يدفع لها “سنوياً” دولاراً واحداً من اجل تحسين البيئة الملائمة، لمن بقى على الأرض، وذلك لإنعاش مشاريع ثقافية واقتصادية واجتماعية. هذه المشاريع يمكن أن تحققها الرابطة من خلال اللجان المختصة.
كنا قد طرحنا في السينودس السابق مشروع “الصندوق الكلداني”، لكنه لم ير النور بعد!
ناقشوا هذه المشاكل بهدوء ومسؤولية، وثقة وتجرُّد. وتعاملوا مع المتغيرات بطرق حضارية وليس عاطفية. فكروا في تأسيس:
اتحاد الشباب الكلداني
اتحاد النساء الكلدان
رابطة العائلة الكلدانية
حماية التراث والتقاليد والاهتمام بدراستها بمنهجية علمية ونشرها.
حافظوا على لغتكم خصوصا في القرى والارياف.
بارككم الرب القدير بصلاة شفيعنا توما الرسول