عقوبة الزاني ومن يحلف بالكذب!
القس بـول ربــان
أهلا وسهلا بالأخت أحلام أوراها
كتبت الأخت أحلام: “ما هي عقوبة الزاني في المسيحية؟ هل هناك فرقٌ إذا كان الزاني رجلاً أو امرأة”؟ ثم أضافت سؤالا ثانيا تقول: “من يحلف على الأنجيل بالكذب، ما رأيُك به؟”.
الـزاني…!
لقد أدان الله الزنى: “لا تزنِ” (خر20: 14). لا فقط أدان الجرمَ المشهود أو العلني بل حتى الخفِيِّ منه في غياهب الفكر، فقال الرب: “من نظر إلى امرأة ليشتهيها زنى بها في قلبه” (متى 5: 28). وأكد الرب أنَّ الخطأ ليس في الفعل المادي بقدر ما هو في الرغبة والنية اللتين تكونان قد إنحرفتا. وما هي، أو ماذا تكون، عقوبة الفكر والقلب؟ هل يمكن شلع الفكر والاحساس؟، ومنهما “تخرج الأفكار الشريرة: القتل والزنى والفسق والسرقة وشهادة الزور والنميمة، وهي تُنَّجسُ الأنسان” (متى15: 19). مع ذلك لم يضع الله عقوبةً للزنى ولا لأية خطيئة مهما ثقلت. ليست مشيئة الله في قتل الزاني ولا حتى في إيذائِه. يقول: “هل بموت الشّرير يكون سروري؟ كلا. بل بتوبته عن شَّرهِ فيحيا” (حز18: 23). لأنَّ الله خلق الأنسان ليحيا لا ليُعاقَبْ.
موسى هو الذي شَرَّعَ قتل الزناة (أح20: 2-21). واستنادا الى شريعته البشرية قدَّم معلمو الشريعة والفريسيون زانية لُترجم وطلبوا فيها فتوى يسوع. فقال: من لا خطيئة له فليرجمها. تراجعوا كلهم. وكان عقابُ يسوع لها: “أنا لا أحكم عليك {بالرجم}. إرجعي ولا تخطأي بعد الآن” (يو8: 3-11). وموسى سبق وقال عن يسوع المسيح: “يقيمُ لكم الرب نبيًّا من بينكم مثلي، فآسمعوا له” (تث18: 15؛ يو5: 46). لأنَّ يسوع هو الله. وقد عارضَ شريعة موسى، وكانت مؤقتة الى زمن المسيح، وأعاد الأمور الى مشيئة الله، الله يغفرُ لا يعاقب، الله يساعد على توبة الخاطئ فيُصلح سلوكه لأنَّ الله لا يريد أن يهلك أيُّ انسان، ومن أجل ذلك أرسلَ أبنه (يو3: 16)، الذي لم يأتِ ليدين العالم، بل ليُخَّلصَ العالم (يو12: 47). والكنيسة لا خيار لها غير أن تتبعَ شريعة الله في عدم إدانة الأشخاص أو عقابهم، بل إدانة أفعال الأشرار وإعطائهم فرصة التوبة ومساعدتهم عليها، وتأخذ المثل من يسوع الذي غفر للزانية التي إرتمت على قدميه تقَّبلها وتُبَّللها بدموع التوبة وتدهنها بعطر المحبة فقال لها: “مغفورةٌ لك خطاياكِ… إذهبي بسلام” (لو7: 48-50).
أما الزناة العلنيون، الذين يُطلقون ويتزوجون من جديد خارج الكنيسة، أو يعقدون زواجًا مدنيا فقط، أو يعيشون في التسَّري المشهود فالكنيسة تحرمهم من قبول الأسرار.
وإن كان الزاني رجُلاً…؟!
لم يُمَّيز يسوع أو يُفَّرق بين رجل أو امرأة في تقييم السلوك. لقد خالط يسوع رجالا ونساءًا “خطأة” بغية أن يعيدهم الى سواء السبيل: مثل الزانيتين وزكا ومتى، حتى أغضبَ قادة الشعب الدينيين فتذّمروا عليه وآنتقدوه (لو15: 2؛ 19: 7). وهكذا سلكت الكنيسة من أيامها الأولى لأن الرسل آمنوا أن لا فرق بين رجل وإمرأة إلا بالأعمال، لأنَّ كلَّ واحد يُجازى على أعماله لا على جنسِه (متى 16: 27). في المسيح يتساوى الكل (غل3: 28). فحكم الرجل، في الخير والشر، كحكم المرأة بلا محاباة. والسماء تحوي ” قدّيسين وقدّيسات”.
ومن يحلف بالأنجيل…؟
قال الرب: “لا تحلف بآسم الرب باطلا” (خر20: 7)، وأضاف يسوع: “لا تحلف مُطلقًا” (متى5: 34). وقال الرب أيضا: “لا تشهد شهادة زور” أي لا تكذب (خر20: 16) وأكَّد عليها يسوع وثبَّتها (متى19: 18). كذبة واحدة كان عقابها موت حننيا وسفيرة (أع5: 9- 10). فماذا يكون عقابُ كِذبةٍ وحلفانٍ بالباطل على كلمة الله؟ الله وحده يعلم! إنَّ باب التوبة يبقى مفتوحا لغفران كل خطيئة ما عدا الذي يُجَّدف على الروح القدس (مر3: 29). لقد عَلَّم يسوع وطالب أتباعه أن يكونوا صريحين ويقولون دوما الحق: “فليكن كلامكم “نعم” أو “لا”، وما زاد على ذلك فهو من الشرير (متى5: 37). لا غفران لخطيئة التجديف على الروح القدس لأنَّ المُجَّدِف “يرفض قدرة الله العاملة في يسوع، وينسب الى الشيطان أعمالا يعملها الرب بالروح القدس”. يسوع وحده شهد للحق بقوة روحه الألهية، بينما الشرير كَذّابٌ وأبو الكذب (يو8: 44). ومن يرفض الله وقدرته، هل توجد سماءٌ خاصّة تستقبله، هو وأمثاله؟