البابا: لا شبكة تواصل قد تحلّ محلّ القدّاس
في مقدّمة كتاب “الكنيسة في العالم الرقمي” The Church in the Digital World كتب البابا: “الفترة التي أمضيناها جعلت العديد من الكهنة ناشطين بشكل خلّاق للبقاء على تواصل مع المؤمنين ومرافقتهم. حصلت هناك أخطاء وتجاوزات، إلّا أنّه عندما تركّزت هذه المحاولات على الرسالة التي يجب إيصالها وليس على بروز من يُحاول إيصالها، علينا أن نعترف أنّها كانت نافعة”.
وقد أضاف البابا أسئلة في مقدّمته، كما أورد الخبر القسم الإنكليزي من زينيت: “كيف نُصمّم موقعاً إلكترونياً لرعيّة؟ وكيف يجب أن تُستخدَم شبكات التواصل الاجتماعي للعمل الرعوي؟” مع الإشارة إلى أنّ الكتاب يُعالج الأجوبة، وهو للمؤلّف فابيو بولتزيتا، مُقتَبَس عن اختبار 150 شريطاً تعليمياً من منظّمة أسياد الإنترنت الإيطاليين الكاثوليك WECA. كما وأنّه يُقدّم فرصة للتأمّل بالكنيسة الموجودة في العالم الرقمي واكتشافها ومشاطرتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ثمّ نشر هذا الاختبار عبر الإنترنت. تأسّست المنظّمة شرعيّاً في 22 أيار 2003.
بالعودة إلى أبرز ما قاله الأب الأقدس في مقدّمة الكتاب، فقد كرّر أنّ “أحداً لا يخرج من الأزمة ويبقى كما كان. إنّه يتحسّن أو يُصبح أسوأ. الزمن الصعب الذي تختبره البشريّة جرّاء الوباء جعلنا ندرك مدى تأثير الوسائل التقنيّة وشبكات التواصل. رأينا ذلك خلال فترات العزل عندما لم يعد ممكناً التجمّع والاحتفال بالإفخارستيا معاً، أو الاقتراب من مرضانا الأعزّاء والاتّحاد بالصلاة مع قريب أو صديق تركنا. وكأنّ كلّ شيء أُخِذَ منّا بعد أن كان مِن المُسَلَّمات.
كثرٌ من بيننا بذلوا جهدهم لإبقاء العلاقات الإنسانيّة حيّة. وأعتقد أنّ العديد من الكهنة استفادوا من التكنولوجيا ومن شبكات التواصل للحفاظ على صلة شعب الله بكلمته، مُقدّمين إمكانيّة المشاركة بالقدّاس. إنّ شبكات التواصل سمحت بالحفاظ على هذه الصلة والإشارة إلى الحاجات كي لا يشعر أحد بالوحدة، كي يتمّ تحريك المبادرات الخيريّة، وكي نُتابع رؤية وجوه بعضنا البعض بانتظار أن نجتمع مجدّداً…
هذه الحقبة كانت استثنائيّة بالتأكيد، خاصّة فيما يتعلّق باختبار بثّ الاحتفالات عبر الإنترنت. إلّا أنّ الاجتماع الافتراضي لا يستبدل المشاركة شخصيّاً مطلقاً. إنّ الوجود الجسدي خلال كسر الخبز والتواجد قرب بعضنا البعض ثمّ النظر في عينَي يسوع ومصافحة المرضى هي تصرّفات يوميّة تعود لاختبارنا اليومي الذي لن يمكن لأيّ تقنيّة أو شبكة تواصل اجتماعي أن تحلّ محلّه. لكن من الضروري أن يتّصف هذا النموّ الهائل بالكثير من الكَرَم والإبداع، يُرافقه إدراك جديد”.
وتابع البابا شرحه قائلاً إنّ الكتاب يتضمّن شرائط عن الكنيسة والتواصل الرقمي، خاصّة للكهنة. “يمكن لشبكات التواصل أن يسكنها مَن يشهدون لجمال الإيمان المسيحي ومَن يقترحون عَيش قصص الإيمان والمحبّة فيما ينقلون حداثة الإنجيل بلغة اليوم ويستمعون كما التلاميذ والرسل تعلّموا أن يفعلوا من يسوع.
نعرف ذلك لأنّنا اختبرناه. وحده اللقاء الشخصي – وليس المجهول – مع يسوع يُغيّر حياة الإنسان. نعرف ذلك لأنّه في اختبارنا اليومي، يجب تغذية هذا الحبّ عبر العيش معاً كلّ يوم. نعرف أنّ الكنيسة في العالم الرقمي لن تتمكّن من استبدال جمال اللقاء الشخصي. لكن يجب أن يكون العالم الرقمي مسكوناً من قبل المسيحيين، ربّما الشباب الذين، انطلاقاً من إيمانهم، سيتمكّنون من أن يكونوا قادة الطرق الجديدة لوسائل التواصل، طرقٍ أكثر إنسانيّة وأكثر مشاطرة للحقيقة. لأنّ شبكة الإنترنت حيث يبدو أحيانأ أنّ الصوت الأعلى يسود مع الأخبار المغلوطة، قد تصبح مجالاً للّقاء والإصغاء”.
وختم البابا كاتِباً: “الشبكة لن تجعلنا نشعر لوحدنا إن كنّا قادرين حقّاً على التواصل عبرها، وإن لم يستبدل هذا المجال الافتراضي علاقاتنا الشخصيّة. إنّ مساهمة هذا الكتاب لا تُقدّر بثمن بالنسبة إلى نموّ هذا الإدراك، وعلينا أن نشكر المنظّمة لتحقيقه”.